الأحد، 2 أكتوبر 2011

في كشف حال بني عبيد


  في كشف حال بني عبيد


سمعت الشيخ يحكي غير مرة في مجالسه يقول : زرت يوما المارستان المنصوري ، فجاء إلي أناس فقالوا لي : تصدق وزر المارستان العتيق فرحت معهم أزوره ، فقالوا لي : ألا تزور قبور الخلفاء ؟ ـ يعنون بني عبيد ـ فرحت معهم إلى قبورهم ، فوجدت قبورهم إلى القطب الشمالي : فتكلم عليهم وعلى مذاهبهم فقال الحاضرون : نحن نعتقد أن هؤلاء قوم صالحون ، لأنّا إذا مغلت عندنا الخيل (1) نجيء بها إلى قبور هؤلاء فتبرأ ، فلولا أنهم صالحون ما برأت الدواب من المغل عند قبورهم ، فقلت : وهو حجة أيضا على صحة ما أقوله فيهم ، فإن المغل من برد يحصل للدواب ، فإذا جيء بها إلى قبور اليهود والنصارى في الشام ، وإلى قبور المنافقين كالقرامطة والإسماعيلية والنصيرية ، فإن الدواب إذا سمعت أصوات المعذبين في قبورهم تفزع فيحصل لها حرارة تذهب بالمغل الذي حصل لها . وكان النبي r يوما راكبا على بغلته فحادت حتى كادت تلقيه عن ظهرها ، فقالوا : ما شأنها يا رسول الله ؟ فقال : ( إنها سمعت أصوات يهود تعذب في قبورها ) وقال الشيخ : إنهم ليعذبون في قبورهم عذابا تسمعه البهائم ، فما يروح أصحاب الدواب بها إلى قبر الشافعي ولا إلى قبر أشهب(2) فإن عند قبورهم تنزل الرحمة . وتكلم شيئا كثيرا من هذا الجنس ما ينحصر ، وهذا شيء منه .



(1) المغل : مغص يأخذ الدواب .
(2) هو أبو عمر أشهب بن عبد العزيز بن داود القيسي العامري الجعدي ، ولد سنة 145 وتوفي سنة 204 رحمه الله ، كان فقيه الديار المصرية في القرن الثاني للهجرة ، وكان صاحب الإمام مالك رحمه الله ، قال الإمام الشافعي : ما أخرجت مصر أفقه من أشهب لولا طيش فيه . قيل : اسمه مسكين ، وأشهب لقب له ، مات بمصر .

ليست هناك تعليقات: